الذكرى 65 لاستقلال تونس: دعوات للمصالحة والوحدة الوطنية وتساؤلات حول غياب الرئيس

الذكرى 65 لاستقلال تونس: دعوات للمصالحة والوحدة الوطنية وتساؤلات حول غياب الرئيس

تونس، قيس سعيد، هشام المشيشي، راشد الغنوشي، حل البرلمان،  عيد الاستقلال، الحماية الفرنسية، حربوشة نيوز


تونس- حسن جلمان

شكلت الذكرى الخامسة والستين لاستقلال تونس مناسبة للدعوة إلى المصالحة وتعزيز الوحدة الوطنية في وقت تعيش فيه البلاد أزمة سياسية متواصلة منذ أشهر بسبب الخلاف حول التعديل الوزاري، فيما تساءل سياسيون حول سر غياب الرئيس قيس سعيد عن المناسبة التي تحظى باهتمام في تونس.

ودعا رئيس البرلمان، راشد الغنوشي إلى “تعزيز الوحدة الوطنية وترسيخ قيم العيش المشترك وعرى التوافق دعما لاستقلال تونس العزيزة وعزة وكرامة شعبها الأبي”، مؤكدا التزام رئاسة البرلمان “بالعمل على إشاعة روح الحوار وترسيخ ثقافة الاختلاف انسجاما مع روح شعبنا المسالم والمتسامح ومع القيم التي ناضل من أجلها، حرية وعدالة ومساواة”.

وأكد، في بيان أصدرته رئاسة البرلمان “الوعي الكامل بحجم التحديات وما تواجهه بلادنا جراء انعكاس الأزمة الصحية والاجتماعية. والثقة في قدرات الشعب التونسي وما يمتلك من إمكانات تستطيع أن تحقق مزيد من الإنجازات وقد اثبت شعبنا في كل المناسبات مدى قدرته على الوحدة وتجاوز الصعاب. وتجديد الدعوة إلى الحوار الشامل وفاءً لأرواح الشهداء والتزاما بأهداف وغايات بناة الدولة الوطنية”.

فيما استغل رئيس الحكومة هشام مشيشي المناسبة لزيارة متحف الزعيم الحبيب بورقيبة في مدينة المنستير (شرق)، مشيدا بالجهود التي بذلها في الاستقلال من فرنسا بعد مفاوضات شاقة.

ودعا المشيشي إلى “المحافظة على مكاسب دولة الاستقلال ووحدتها والابتعاد عن ما يفرقنا إلى ما يجمعنا”، كما دعا إلى “النهج على منوال مناضلينا وآبائنا والتكاتف والوحدة والانكباب حول القضايا الوطنية الحارقة واستشراف الحلول الناجعة بعيدا عن التجاذبات والصراعات السياسية التي لا طائل من ورائها خاصة في هذا الظرف الصعب الذي تعرفه بلادنا”، وفق بيان لرئاسة الحكومة.

وتحت عنوان “دعوة إلى مصالحة وطنيّة بمناسبة عيد الاستقلال”، كتب الباحثة رجاء بن سلامة (مديرة المكتبة الوطنية) “لنضع حدّا لحرب الاستنزاف السياسيّ، وللغة الحرب. أنا أتشرّف بكلّ شخص ينتمي إلى حزب عبير موسي شريطة ان لا يعتبرني خائنة للوطن لأنّني لا أعتبر مثله الإسلاميّين “جرذانا” يجب وضعهم في السّجن.أتشرّف بكلّ نهضاويّ ونهضاويّة، شريطة ان لا يعتبرني كافرة وأن يحترم دستور البلاد ويكفّ عن مناصرة الشيخ راشد الغنوشي في نوايا الهيمنة وفي ولائه لغير تونس (تنظيم الإخوان أو تركيا أردوغان). وأعلم أنّ هؤلاء النّهضاويّين موجودون (سمير ديلو، عماد الحمّامي، إلخ)، وأرى أنّهم بدأوا يتملّكون تاريخ البلاد ويحتفلون بأعيادها الوطنية مثلنا. أتشرّف بكلّ المتديّنين، وبكلّ المحجّبات، شريطة أن أواصل ارتداء ما أريد وأواصل السباحة في البحر باللباس الذي أريد”.

وأضافت، على صفحتها في موقع فيسبوك “أتشرّف بكلّ شيوعيّ وماركسيّ، شريطة أن لا ينظر إليّ شزرا لأنّني أتولّى خطّة إدارة مؤسسة وطنيّة. أتشرّف بكلّ من يدين بالولاء إلى رئيس الجمهوريّة، شريطة أن يتقبّل نقده. أتشرّف بكلّ من يحترم النّظام الجمهوريّ الدّيمقراطيّ ويدين بدستور البلاد حتّى وإن تضمّن نقاطا غامضة. لا أحبّ الحقد وأكره الكره. كفى استنزافا للطاقات ومهاترات والبلاد على وشك الإفلاس. على القضاء أن يتولّى بكل نزاهة ملفّات العنف والقتل والفساد”.

وتساءل سياسيون ونشطاء حول غياب الرئيس قيس سعيد عن الذكرى الخامسة والستين لعيد الاستقلال، حيث كتب عصام الشابي، الأمين العام للحزب الجمهوري ” رئيس الجمهورية لا يتوجه الى شعبه بكلمة في ذكرى استقلال بلاده عن المستعمر الفرنسي (او عن نظام الحماية الفرنسية، اقراها كما تشاء )، وقبلها تجاهل ذكرى انتصار ثورة الحرية و الكرامة في 14 جانفي (كنون الثاني) الذي مر دون ان تعيره رئاسة الجمهورية اهتماما. أعتقد انه حان الوقت كي تعدل، يا سيادة الرئيس، ساعتك على وقع حياة شعبك ونبض وطنك وعلى استحقاقات المرحلة قبل فوات الأوان”.

وتحت عنوان “رئيس للمعارك الصغيرة”، كتب عدنان منصر، الأمين السابق لحزب الحراك “لا أستطيع أن أهضم أن رئيسنا المفدى لم يخرج من سباته بمناسبة ذكرى الاستقلال، مثلما كان الأمر في نفس الذكرى منذ عام. رئيسنا تتوافق ظروفه القاهرة دائما مع أعياد الشهداء والثورة والاستقلال. لا أستطيع أن أهضم أن هذه المناسبة قد مرت وكأننا خجلون منها. لا أستطيع أن أفهم لماذا يصر رئيسنا الحريص جدا على صلاحياته أن يترك أعظم هذه الصلاحيات تذروها الرياح، وكأنه ضجر بها: أن يكون رمز وحدة الدولة واعتزاز شعبها بكل ما يجمع شتاته، أن يذكر الناس هنا، عندما ينسون، بأن كل صراعات الدنيا لا تساوي لحظة واحدة يكونون فيها معا، أن لنا مستقبلا معا رغم كل شيء، وأن لنا جذورا رغما عن كل شيء، وأن تلك الجذور عمدت بدماء كثيرة، وأن في الدماء قداسة لا تنقص منها كل نجاسات السياسة”.

وأضاف، في تدوينة على فيسبوك “لكن رئيسنا المتفرغ للمناكفة والمصارعة الحرة والألفاظ المنتقاة والتلذذ بصدى صوته في أروقة القصر، لا يهتم بذلك. هو يصر على أن يكون رئيسا للسياسات الصغيرة. ربما اعتقد رئيسنا المفدى أن انتصاراته الصغيرة قادرة أن تنسينا خيباتنا الكبيرة، لكن الانتصارات تصغر يوما بعد يوم، والخيبات تتعاظم يوما بعد يوم. ما حصل بتجاهل الرئيس للذكريات الوطنية (نعم، كلها منذ وصل إلى قرطاج) هو إهانة للشعور الوطني. لا أريد أن أتذكر تلك الزيارة البائسة لفرنسا، ولا الخطاب البائس الذي تردد صداه من باريس إلى تونس. أريد أن أذكر السيد الرئيس أنه لولا الاستقلال، ولولا كل المناسبات التي ترمز لوحدة وانعتاق التونسيين، لما استطاع حتى تعلم اللغة التي يرطن بها علينا اليوم بمناسبة ودون مناسبة. لا أريد أن أستطرد أكثر في ذكر الفضائل التي لا يراها، لأنه يبدو أنه لا يريد أن يراها”.

وبخلاف رئاستي البرلمان والحكومة، تجاهلت الرئاسة التونسية الذكرى الخامسة والستين لعيد الاستقلال، حيث لم يشارك الرئيس سعيد بمراسم إحياء هذه المناسبة التي تحظى باهتمام في تونس، كما لم يصدر عن الرئاسة “بلاغ تهنئة” للتونسيين، واكتفى الرئيس سعيّد بإصدار عفو خاص عن 1521 سجينا احتفاء بهذه المناسبة.

القدس العربي 

أحدث أقدم