أكاديمي إسرائيلي: اليسار الصهيوني غير ديمقراطي وأحيانا هو أسوأ من اليمين في التعامل مع الفلسطينيين

أكاديمي إسرائيلي: اليسار الصهيوني غير ديمقراطي وأحيانا هو أسوأ من اليمين في التعامل مع الفلسطينيين

أكاديمي إسرائيلي: اليسار الصهيوني غير ديمقراطي وأحيانا هو أسوأ من اليمين في التعامل مع الفلسطينيين، حربوشة نيوز


الناصرة ـ حمل أستاذ جامعي إسرائيلي على اليسار الصهيوني، وقال إنه غير ديمقراطي وكان أحيانا أشد سوءا من اليمين الصهيوني في التعامل مع الفلسطينيين على طرفي الخط الأخضر.

وقال البروفيسور المحاضر في جامعة تل أبيب شلومو زند في مقال نشرته «هآرتس» إن مفهوم «اليسار» ولد في أواخر القرن الثامن عشر في زمن الثورة الفرنسية وإنه منذ نهاية القرن العشرين يتنفس هذا المفهوم بصعوبة ويفقد بسرعة الديناميكيات التي حركته طوال 200 سنة، معتبرا أن الأساطير الكبيرة التي غذته خلال هذه الفترة، في الأساس « أسطورة المساواة» ضعفت بالتدريج، وفي أماكن غير قليلة تلاشت تقريبا وليس بسبب توقف الاحتجاجات والتمردات الاجتماعية في أرجاء العالم من احتلال وول ستريت في نيويورك وحتى «الدروع الصفراء» في فرنسا، ومن الربيع العربي في2011 وحتى احتجاجات الخيام في إسرائيل بذات العام. ويضيف «انفعالية عصبية واضطرابات اندلعت مرة تلو الأخرى ولكن تقريبا في أي مكان لم يتمخض عنها أي أطر سياسية ثابتة أو احزاب يسارية جديدة أو حركات ـ برامج واضحة أو تكتلات وكتل سياسية تحمل التغيير».

من يغئال يادين إلى رابين

ويستذكر أن حركات الاحتجاج التلقائية المذكورة تذكّر من نواح كثيرة بثورة الفلاحين في اوروبا قبل الحرب الإنكليزية في القرن السابع عشر، التي ظهرت وتعاظمت واحتضرت مثلما ظهرت، دون أن تنضج لتصبح تغيرات متواصلة كالتي ميزت الحداثة السياسية التي جاءت في أعقابها. ويقول الباحث الإسرائيلي شلومو زند إن أنواعا كثيرة كانت لليسار التاريخي على مر السنين وفي الغرب الصناعي تبلور هذا اليسار في الأساس من خلال الصراع المستمر بين رأس المال والعمال، وفي العالم غير الغربي نما اليسار من خلال الصراع بين الكولونيالية الأجنبية وبين السكان الواقعين تحت الاحتلال.

ويرى أنه في المجتمعات الغربية اكمل اليسار بزخم كبير الليبرالية البرجوازية من خلال تبنيه في المرحلة الأولى الديمقراطية وحق الانتخاب العام. وينوه أنه بعد ذلك بواسطة ضغط احزابه ونقاباته المهنية جلب الى العالم دولة الرفاه وأنه في العالم غير المصنع ساهم اليسار في صعود انظمة ديمقراطية ـ استبدادية أو شمولية (على الـغلب فتاكة).

ويستذكر أيضا أنه في حالتين قلص اليسار عدم المساواة العميق الموجود في كل المجتمعات ما قبل الحداثة منوها أن اليسار في العالم رغم أنه كان قوميا تقريبا، فقد تفاخر ظاهريا بأن يكون عالميا. ويتابع «هكذا نشأت في الغالب توترات كبحت القومية المتطرفة والعنصرية. قبل إقامة إسرائيل وحتى بعد إقامتها، فإن توترا من هذا النوع تقريبا لم يكن موجودا في اليسار الصهيوني الذي لم يكن في أي يوم ايضا ديمقراطيا حقا. عند إقامة الدولة هو لم يعتبرها إطارا سياسيا وضع ضمن أهدافه خدمة مجمل سكانها بصورة متساوية مع إبقاء خيار استيعاب يهود مضطهدين. اليسار الصهيوني فضّل عدم الفصل بين الدين والدولة من اجل أن يتمكن من تعريف من هو اليهودي. وهكذا أن يعتبر الدولة الجديدة، قبل أي شيء، ملك ليهود العالم حتى لو كانت أغلبيتهم المطلقة تفضل عدم العيش فيها».

من هنا يرى أنه يجب عدم الاستغراب، مثلا، من أن دافيد بن غوريون، الزعيم التاريخي لليسار الصهيوني صمم على أن يواصل الحكم العسكري وجوده خلافا لموقف مناحيم بيغن زعيم «الليكود» التاريخي وفي الحقيقة هذه الآلية العنصرية المميزة تم الغاؤها فقط عندما تم إسقاط رئيس الحكومة الأسطوري، بن غوريون، عن سدة الحكم.

يشار الى أن زند أصدر في السنوات الأخيرة سلسلة كتب جريئة استدعت هجمات إسرائيلية غير متوقفة عليه شرح فيها كيف تم اختراع «الشعب اليهودي» و «أرض إسرائيل». ويذكر أن فعاليات سياسية فلسطينية داخل أراضي 48 تتفق مع زند في هذه القراءة، وتستذكر أن حكومات اليسار الصهيوني هي التي شاركت في تهجير الفلسطينيين في نكبة 1948 وفي ارتكاب مجزرة كفر قاسم وفتح النار على متظاهرين من فلسطينيي الداخل وقتل وإصابة عشرات منهم في يوم الأرض الأول عام 1976 وفي هبة القدس والأقصى عام 2000.

اليسار مع الضمّ

كما يشير زند الى أنه عندما تم احتلال الضفة الغربية عام 1967 فإن اليسار الصهيوني صوت بالإجماع مع ضم الشطر الشرقي من القدس دون الاهتمام أبدا بأن يتم إعطاء الجنسية الإسرائيلية لسكانها بشكل اوتوماتيكي. وهكذا فإن الحق في الجنسية المزدوجة فعليا محفوظ فقط لليهود حقا وحتى الآن لم يطالب هذا اليسار الصهيوني بأن تسود مساواة ديمقراطية في «العاصمة الأبدية للشعب اليهودي» حتى لو ظاهريا.

ويمضي زند في فضح مواقف اليسار الصهيوني: «من المحزن التفكير ايضا بأن الجنرال والوزير الراحل من حزب «مابام» يغئال الون الذي حمل راية مبادىء اليسار الصهيوني عرض بعد حرب 1967 الضم الفوري لغور الأردن وكل مناطق الجبل الشرقية حتى الخليل وتوطينها بسرعة بالمستوطنين. ويتابع «لنفس هذه الأسباب من الوطنية الجغرافية ايضا وريثه الروحي اسحق رابين لم يتجرأ بعد مذبحة باروخ غولدشتاين سفاح الحرم الإبراهيمي في الخليل عام 1994 الطبيب الأمريكي من نسل ابراهيم، على إخلاء المستوطنة اليهودية في مدينة ابراهيم. نعم، هكذا أيضا لم ترتجف يد رابين عندما قرر رفض المادة التي تتحدث عن وقف المستوطنات في مسودة اتفاق اوسلو».

ويخلص زند للتساؤل أنه على خلفية اضمحلال اليسار القديم في العالم، هل توجد احتمالية لأن يقوم اليسار الصهيوني، ويتخلص من نظام نتنياهو القديم؟ وعن ذلك يقول «يبدو أنه منذ عام 1967 أنهى اليسار دوره، واحتضاره البطيء ويمكن أنه أخلى مكانه ليسار من نوع جديد وغير معروف: يسار ليس فقط غير ديمقراطي، وليس فقط يدمج النسوية، البيئية والليبرالية التعددية، بل أيضا لا ينسى للحظة القمع الطبقي وسحق الآخر القومي».

«ميرتس» يصارع من أجل البقاء»

وفي سياق متصل يواجه أحد أبرز أحزب اليسار الصهيوني (حزب ميرتس» خطر الاندثار وفقا لاستطلاعات رأي متتالية. وترى صحيفة «هآرتس» أن ـسباب ذلك هي التركيبة الجديدة لحزب «العمل» الذي يبدو أنه يعرض بديلا باعثا على حماسة أكبر لقسم من مصوتي «ميرتس» في الماضي، ومصوتين تقليديين يفضلون التركيز على استراتيجية استبدال رئيس الوزراء نتنياهو من خلال التصويت لأحزاب الوسط ـ اليمين، الى جانب أولئك الذين يفضلون تعزيز الأقلية العربية من خلال التصويت للقائمة المشتركة، منوهة أنه في هذا الوضع، فإن ميرتس، الذي لا ينجح في إثارة حماسة ناخبيه القدامى بقدر كاف، يقف أمام خطر الشطب من الكنيست.

وفي افتتاحيتها دعت «هآرتس» للحفاظ على حزب ميرتس. وقالت إنه سواء كانت حملته وتركيبته باعثة على الحماسة أم لا، فإن لهذا الحزب دورا تاريخيا مهما في المشهد البرلماني الإسرائيلي، الذي هو أكبر بكثير من مجموع أجزائه. وتتابع « في وضع لا يكون فيه احتمال حقيقي لحكم اليسار، ثمة حاجة على الأقل لمعارضة تمثل مواقف اليسار الصهيوني ضد الاحتلال في المناطق الفلسطينية ويعنى بتداعياته. هذه مواقف لا يستطيع رئيس حزب «هناك مستقبل «يائير لبيد ورئيسة حزب «العمل» ميراف ميخائيلي ان يعبرا عنها.

وتقول «هآرتس» إن مثالا واضحا على ذلك جاء في ردود فعل الساحة السياسية على تهديدات التحقيق في شبهات جرائم الحرب في المناطق الفلسطينية في محكمة الجنايات الدولية في لاهاي. وحدهما ميرتس والقائمة المشتركة أشارا بمستويات مختلفة الى دور إسرائيل في الأحداث، بينما كل الباقين، بمن فيهم ميخائيلي، تبنوا ردود فعل نتنياهو الذي يتهم المحكمة بالخروج عن صلاحياتها.

صوت اليسار سيصمت في الكنيست

كما نوهت أن لميرتس دورا مهما في إطلاق صوت عال وواضح ضد الاحتلال ومشروع الاستيطان بالذات لأنه لا يزال حزبا صهيونيا في أساسه. وترى أنه حتى لو لم تكن فوارق شخصية في فكر ميخائيلي وهوروفيتس (رئيس «ميرتس») وباقي اعضاء قائمتيهما يوجد فارق جوهري في الافكار وفي المؤسسات التي يمثلانها، وبقدرتهما على المناورة في مجال الخطاب العام الآخذ في التقلص.

وتخلص «هآرتس» للقول: «إذا لم يكن ميرتس في الكنيست، فإن البحث في الاحتلال وفي حماية المنظمات التي تكافح ضده لن تمثله إلا القائمة المشتركة، التي رغم مغازلة مصوتيها تعاني من حملة نزع شرعية ضد مواقفها على المستوى السياسي.

في مثل هذا الوضع، وبلا «ميرتس» فإن صوت اليسار الصهيوني في مقر الكنيست سيصمت».

القدس العربي

أحدث أقدم