ما هي الرسالة وأين اللغز في منع “طائرة نتنياهو”؟.. القدس “مسألة شخصية” و”الإسراء والمعراج” على الطريقة الهاشمية

ما هي الرسالة وأين اللغز في منع “طائرة نتنياهو”؟.. القدس “مسألة شخصية” و”الإسراء والمعراج” على الطريقة الهاشمية

الاردن، اسرائيل ، طائرة نتنياهو ، المسجد الأقصى،  السلام الإبراهيمي،  الإمارات،  السعودية، حربوشة نيوز


ما هي الرسالة وأين اللغز في منع “طائرة نتنياهو”؟.. القدس “مسألة شخصية” و”الإسراء والمعراج” على الطريقة الهاشمية وبعد التواصل مع غانتس ثابت جديد بمظلّة بايدن بعنوان السلام الإبراهيمي لا علاقة له بمصالح عمّان ووصايتها والمسجد الأقصى”

عبّر القرار الأردني بمنع طائرة رئيس وزراء اسرائيل بنيامين نتنياهو العبور من أجواء المملكة ظهر الأربعاء وبالتالي إعاقة رحلته التي كان ينوي التوجّه عبرها إلى أبو ظبي عن السياسة الأردنية التي بدورها تتمسّك بملامح الازمة مع اسرائيل ولا تريد إظهار أي مرونة أو تساهل تجاه ملف الوصاية الهاشمية الأردنية على القدس والأوقاف الإسلامية والمسيحية فيها.

وبنفس الوقت تُعبّر الرسالة السياسية الأردنية هنا عن خطوة مضادة ولكن غير مباشرة لاتفاقيات السلام الابراهيمي حيث يُعزل الأردن رغم علاقاته التحالفية القوية هنا مع الامارات والدول التي وقعت اتفاقا فرديا مع اسرائيل نفسه عن سياق السلام الابراهيمي ويوجه لكل الاطراف رسالة يقول فيها بأن هذا النمط من السلام مع الإسرائيليين لا علاقة له من قريب أو بعيد بالحسابات الأردنية السياسية وتحديدا بالثوابت وعلى رأسها مدينة القدس.

سلوك الاردن سياسيا هنا في منع طائرة نتنياهو من التوجه تحديدا الى العاصمة الحليفة ابو ظبي يؤشر على أن الأردن يؤسس لمساحته الخاصة في عمق المعادلة الإبراهيمة أو المعادلة الإسرائيلية.

وهي مساحة بطبيعة الحال يقول فيها الاردن ضمنيا حتى للحلفاء الاقرب عليه من الدول العربية بأن اقامة السلام الفردي المباشر مع اسرائيل لا يعني تقديم اي مرونة من جهة الاردن او تسهيلات في مسالة القدس تحديدا وقد لا يعني ايضا الاصرار على اقامة علاقات مع نتنياهو الليكود او اليمين الاسرائيلي بالرغم من العلاقات بين هذا اليمين ودول عربية متعددة من بينها الامارات والبحرين وتصنف بصفتها دول صديقة للاردن.

ضمنيا أيضا حسب مصادر دبلوماسية مطلعة جدا اراد الاردن بقراره عدم السماح لطائرة نتنياهو بالعبور الى الامارات ليس فقط الرد على اعاقة اليمين الاسرائيلي لزيارة كان سيقوم بها الى القدس والمسجد الاقصى ولي العهد الامير الحسين بن عبد الله.

ولكن أيضا تقول الرسالة نفسها ضمنيا بأن الحسابات المتعلقة بالتطبيع العربي الإسرائيلي ينبغي أن تاخذ بالاعتبار أن المصالح الأساسية الأردنية العليا.

والأهم أن الاردن بقراره هذا تقريبا يدشن مرحلة يقول فيها بأن فترة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب وتوابعها ذهبت بلا رجعة وأن الاردن متحرر نسبيا من قيود الادارة الامريكية مع عودة الرئيس جو بايدن وطاقم الديمقراطين وبالتالي الضغوط عبر لافتة السلام الابراهيمي على المملكة قد لا يتم التعامل معها خصوصا اذا كانت ثوابت اساسية مهمة مثل القدس على المحك.

وهنا تنميط دبلوماسي وسياسي اردني بمنتهى الدقة تمكن المراقبون في الواقع من ملاحظته مجرد تجاهل وزير الخارجية ايمن الصفدي للاسباب التي ادت الى عمليا اتخاذ قرار سلطة الطيران المدني الاردنية بعدم منح طائرة نتنياهو اذن العبور من أجواء المملكة باتجاه الامارات.

وهو قرار خلفيته قرار إسرائيل من جانبها وتحديدا مكتب نتنياهو حسب مصادر دبلوماسية بإعاقة رحلة دينية كان يخطط فعلا للقيام بها وتغطيتها اعلاميا ولي العهد الاردني الأمير الحسين بن عبد الله بالتزامن طبعا مع ذكرى الإسراء والمعراج.

الموقف الرسمي الإردني من طائرة نتنياهو ألهب مشاعر الشارع الأردني المعادية لإسرائيل.

والتقطته المجسات الدبلوماسية الغربية تحديدا باعتباره مؤشر على الازمة الصامتة المتفاعلة خصوصا وأن ولي العهد الأردني حرص على زيارة كان يفترض أن يقوم بها الاربعاء بالتنسيق مع طاقم وزارة الأوقاف الأردنية في القدس للمسجد الأقصى ويلتقي خلالها فعاليات الاوقاف وبعدد من وجهاء واهالي المناطق المحيطة بالمسجد الاقصى في إطار تاكيد على الرعاية الأردنية والوصاية الهاشمية وبمناسية دينية هي الإسراء والمعراج.

الجانب الاسرائيلي أعاق ترتيبات هذه الزيارة بذرائع امنية وبالتالي أوضح الوزير الصفدي بأن الترتيبات الاسرائيلية كانت ستمنع أهالي القدس من الاحتفال دينيا بشعائر الإسراء والمعراج ممّا دفع الأمير الحسين بن عبد الله إلى تاجيل زيارته لكن تلك الترتيبات انتهت بقرار منع عبور طائرة نتنياهو في سياق رسالة أردنية لكل الاطراف تؤكد بأن المرونة الدبلوماسية واردة ومحتملة ويمكن النقاش عليها في كل المجالات باستثناء ملف القدس.

وكان ولي العهد الأمير الحسين بن عبد الله قد أعلن في مقابلة مع التلفزيون الاردني بأن القدس مسألة شخصية بالنسبة للهاشميين وبالتالي يطبق ولي العهد الشاب هنا معايير والده الملك عبد الله الثاني وجدّه الملك الراحل الحسين حيث يعتبر المساس بالقدس من المحرمات بالنسبة للدولة الهاشمية الاردنية وتعتبر الوصاية الهاشمية من الخطوط الحمراء وبالتالي السماح لليمين الاسرائيلي بالتدخل بتفاصيل تلك الزيارة ايضا من الخطوط الحمراء، الأمر الذي أظهر رد السلطات الأردنية بمنع طائرة نتنياهو من العبور.

وبطبيعة الحال تؤشر هذه الازمة على ازمة قديمة ومستمرة بين الاردن واليمين الاسرائيلي خصوصا وأن العاهل الاردني التقى قبل عدة أيام بالخصم المنافس الأبرز لنتنياهو وهو الجنرال غانتس.

كما أن عمان تعتبر نفسها سياسيا ودبلوماسيا في مستوى الخصومة مع اليمين الاسرائيلي حيث لا تنسيق امني في عهد اليمين الاسرائيلي ولا لجان لها علاقة بالحدود والابعاد العسكرية تجتمع كما كان يحصل في الماضي.

ولا علاقات ولا اتصالات رفيعة ولا ترتيب قمم ولقاءات بين العاهل الاردني ونتنياهو منذ اكثر من عامين وقد سبق للأردن أن رفض استقبال نتنياهو مما يجعل أزمة الطائرة بعد محاولة الشغب على زيارة ولي العهد للأقصى تعبير عن الأزمة الأعمق التي يمكن القول بأن السلام الإبراهيمي اليوم جزء منها.

رأي اليوم

أحدث أقدم