استنفار الفاشيّة ... لمعركة الرّموز

كتب سامي براهم على صفحته  في موقع التواصل الاجتماعي الفايسبوك 

استنفار الفاشيّة ... لمعركة الرّموز
سحب الثّقة، رئيس البرلمان، الإسلام السياسي، تونس، رئيس النّهضة، الفاشيّة، حربوشة أخبار
سامي براهم


قناعتي أنّ الدّعوة إلى سحب الثّقة من رئيس البرلمان عمليّة انتقام سياسي ورمزي وليس لها علاقة بأدائه في البرلمان ... كلّ ما ينسب إليه من أخطاء وتجاوزات هي أمور روتينيّة في كلّ برلمانات العالم ولا ترتقي لتكون سببا للاستنفار والتّحريض والتّعبئة والشّحن لسحب الثّقة منه ...

هي دعوة يقودها الرّفض لمجرّد تواجده على رأس البرلمان بصفته الاعتباريّة والرّمزيّة كزعيم لتيّار الإسلام السياسي في تونس والمنطقة بنظر خصومه ... هو رفض للتّطبيع بين الإسلام السياسي والدّولة ... يجب أن تبقى الدّولة ممنوعة على هذا التيّار ورموزه ... الدّولة قسمة ثابتة بين مكوّنات قارّة لا يتأثّر وجودها وبقاؤها بالمعطى الانتخابي وتوازنات السياسة ... 

"مفاصل الدّولة" التي نصّب البعض أنفسهم دعاة لحمايتها من الاختراق والاندساس الإخواني هي نفسها التي يسكن فيها هؤلاء الدّعاة ويعشّشون منذ عقود في عمليّة تبادل حصريّ احتكاري مغلق بين بعضهم البعض ... لذلك ترتفع صرخات الاستغاثة والنّدبة كلّما انفتح المشهد لفاعلين من التيّار المقصيّ طيلة نصف قرن من المنظومة الوطنيّة ...

لم استسغ ترشّح رئيس النّهضة للبرلمان ولا لرئاسته واعتبرت ذلك خطوة متقدّمة في التّطبيع مع الدّولة ونخبها غير المهيّأة نفسيّا وذهنيّا وأخلاقيّا لخطوة بهذا الوزن الرّمزي ... وكنت أتمنّى لو استقال من تلقاء نفسه لتهدئة التوتّر والهستيريا الفاشيّة والاستهداف الذي يتعرّض له في شخصه وصورته ... كان سيكون موقفا متقدّما في الإيثار السياسي  ... 

لكن والحال كما نراها من تعبئة قائمة على الرّغبة الانتقاميّة و النّزعة الفاشيّة الشّعبويّة الاستئصاليّة يبدو سحب الثّقة منه امتدادا لنفس السياسات القديمة التي لم تثمر غير مزيد من الأزمات للبلد ... أهمّها إضعاف الطبقة السّياسيّة المتحفّزة للتّغيير وتقوية منظومة الفساد والاستبداد ... والفاشيّة الجديدة التي لم يشهد البلد طيلة تاريخه الحديث والمعاصر مثيلا لها ...

كنت دائما ولا أزال من المؤمنين أنّ الثّورة فرصة لتجسير الهوّة بين العائلات الفكريّة والسياسيّة ذات السرديّات الشّموليّة والذّاكرة المثقلة بصراع االتنافي التي وقع توريثها للأجيال الجديدة ... لا أدري إن كان هذا الأمل قابلا للتّحقيق ... يبدو بهذه الطّبقة السياسيّة الملوّثة بالماضي والمرتهنة لمعاركها الصّغيرة لا يمكن تحقيق شيء من هذا راهنا ...
أحدث أقدم