هل قرأها بايدن؟.. رسالة “مجهولة النسب” تثير ضجة أردنية وعودة أوهام “تيار الحقوق المنقوصة”

هل قرأها بايدن؟.. رسالة “مجهولة النسب” تثير ضجة أردنية وعودة أوهام “تيار الحقوق المنقوصة”

الاردن، رسالة “مجهولة النسب”، وزير البلاط الأسبق الدكتور مروان المعشر، حربوشة نيوز


عمان- “القدس العربي”: رغم أنها رسالة “مجهولة النسب” وخالية من الأسماء وكيدية موقوتة على الأرجح الا أنها أثارت ضجيجا واسع النطاق في المشهد الأردني.

على المنصات التواصلية وفي بعض المواقع الالكترونية منشورات ومقالات بالجملة تتحدث عن “مؤامرة جديدة” مفترضة بعنوان عودة ولادة تيار الحقوق المنقوصة في الأردن ورغبة هذا التيار المجهول حتى اللحظة بمخاطبة الرئيس الأمريكي جو بايدن سعيا للإنصاف.

بايدن أصلا غير مهتم لا بالأردن ولا بفلسطين ولا بشعبيهما وهو غير مهتم أصلا بالشرق الأوسط، حسب الخبير الأردني وزير البلاط الأسبق الدكتور مروان المعشر.

لكن الهجمة التي إنتشرت رائحتها تعيد إنتاج رسالة قديمة عبر المنابر المحلية الأردنية مع تحريفها طبعا على أنها رسالة جديدة يفترض أنها وجهت من قبل شخصيات أردنية من أصول فلسطينية تتحدث عن الإقصاء والتهميش لا بل عن التمييز أيضا.

حتى الحكومة استفسرت من بعض القيادات عن رسالة بلا أب ولا يوجد إسم واحد من الموقعين عليها ولا حتى من يتبناها أو يدافع عنها فقد أبلغ “القدس العربي” أحد أعضاء مجلس النواب بأن وزيرا بارزا في الحكومة سأله عن تلك الرسالة واستغرب النائب لأن نص الرسالة المتداول والمنشور أصلا يتحدث عن عام 2012 ضمن ما سمي آنذاك بالمبادرة الأردنية للحقوق المتساوية.

معنى الكلام أنه حتى الحكومة تقرأ الحدث بدون تدقيق في النص كما فعل معارضون بالخارج ركبوا الموجة وحراكيون في الداخل عادوا لترديد نغمة استهداف الهوية الوطنية الأردنية على أساس فرضية تقول إن تيارا غامضا وفي الواقع لا وجود له أصلا اسمه “تيار الحقوق المنقوصة” بصدد استعمال بايدن للضغط على المملكة.

بكل حال الضجيج كبير ومنذ 10 أيام في الأردن حول رسالة بلا أب وبدون أسماء يقال إنها وجهت لجهة غامضة ومن جهة أخرى أكثر غموضا بهدف تعديل ميزان الإقصاء المتعلق بالمكون الفلسطيني الأردني.

عمليا يشارك الجميع بحفلة التحدث عن نشاط فرضي باسم الحقوق المنقوصة فجأة وبناء على رسالة تم تداولها مع أنها قديمة وبلا أسماء.

فجأة أيضا نشر أحد المواقع المحلية تلك الرسالة ثم تداولها بصيغة عاصفة وأصبحت مثارا لدعوات استنهاض وطني وعشائري مع أن أحدا في طبقة النخبة السياسية أو الثقافية لم يتبناها لا بل يرفض الجميع التعليق عليها أصلا وسط تراكم القناعة بأن جهة رسمية ما تتلاعب بجدل المكونات والهويات بين الحين والآخر.

وبأن بعض المعارضين المراهقين في الخارج والداخل يشاركون بحفلة وهمية.

ووسط القناعة بأن الانتخابات البرلمانية الأخيرة أظهرت بأن مكونات عديدة في البنية الاجتماعية الأردنية بما في ذلك مكونات عشائرية ومناطقية أقصيت بفعل هندسة الانتخابات.

بدأت القصة بنشر تلك الرسالة وبدون أسماء مجددا ثم تداولها بكثافة ثم تورط مثقفون يساريون ووطنيون بالتعليق والاشتباك دون الانتباه إلى أن الرسالة بلا أب وإلى أنها لم توجه لأحد.

ثمة على الأرجح جهات غامضة قررت إحياء الجدل حول كذبة الحقوق المنقوصة في الأردن وتيارها المزعوم مع أن الانتخابات الأخيرة انتهت بفعاليات واجتماعات في أوساط المخيمات الأردنية تحديدا تشكر الهندسة والإقصاء لا بل تطالب بقوننته على أساس السماح للمكون الفلسطيني في الأردن بالتعبير عن هويته الفلسطينية الوطنية وقد سمعت “القدس العربي” ذلك مباشرة من عشرات الشباب والفعاليات.

المفارقة تكمن ليس في أن الرسالة بلا مرجع، ولكن في أن الحملة ضد الرسالة وبالتالي ضد المكون الفلسطيني الصامت نفسها بلا مرجع.

لكن في التحليل السياسي يمكن ملاحظة كيفية تحشد شخصيات تتقمص دور المعارضة أو الحراك لكي تهاجم تيارا غير موجود أصلا ورسالة لم تصدر على الأرجح بل فبركت ووضعت في سياق يستهدف التشويش وإنتاج البلبلة.

من فعل ذلك ولماذا؟.

سؤال في غاية الأهمية والإجابة عليه صعبة قليلا لكنها تبدأ من ملاحظة تقول إن مزاعم وجود تيار الحقوق المنقوصة أعقبت أولا جدل الانتخابات الأخيرة.

وثانيا تساؤلات التمثيل المكوناتي التي يطرحها طاقم السفارة الأمريكية في عمان.

وثالثا توجيهات مركز القرار بتطوير هيكلية المنظومة الأمنية.

ورابعا إقرار ضمني من رجالات الدولة بحصول أخطاء وعثرات ومؤشرات خلل ليس فقط في الانتخابات ولكن بملف المحاصصة والتمثيل أيضا في مجلسي الأعيان والوزراء.

في حال فهم هذه التزامنات يمكن فهم خلفية تسييس الحملة ضد تيار غير موجود والتي بدأت أصلا بانتقاء رسالة عمرها 9 سنوات وتحريفها قليلا والادعاء بأنها تخاطب بايدن لتبرير الهجوم الشرس عليها.

بعد معرفة المسار الذرائعي في المسألة لا يزال الجواب معلقا على السؤال الأهم: من هو المستفيد حقا من عودة العزف على اسطوانة المكون الفلسطيني في الأردن؟.

القدس العربي

أحدث أقدم