الوزير دودين كسر عصاته من أّوّل غزواته!
موسى العدوان
فاجأنا قبل بضعة أيام معالي وزير الدولة لشؤون الإعلام والاتصال صخر دودين، القادم من مجلس الأعيان، ليحط رحاله في مجلس الوزراء بتصريح غريب، عندما قال : ” بأن وسائل الإعلام سلطة خامسة وليست رابعة، لأن هناك سلطة العرش، والسلطة التنفيذية، والسلطة التشريعية، والسلطة القضائية، ويأتي بعدها خامسا سلطة الصحافة “.
وكان العُرف السائد منذ العصور القديمة، بأن يُطلق على الصحافة مجازا مصطلح ” صاحبة الجلالة “. إلّا أنه مع ظهور الأنظمة الديمقراطية، في بداية القرنين الثامن عشر والتاسع، أطلق عليها مصطلح ” السلطة الرابعة “، وذلك عندما قال المفكر البريطاني ” إدموند بروك “، في إحدى جلسات البرلمان البريطاني : ” هناك ثلاث سلطات تحت سقف البرلمان، لكن في قاعة المراسلين تجلس السلطة الرابعة، وهي أهم منكم جميعا “. فالسلطة الرابعة التي قصدها بروك في حديثه، هي الصحافة ووسائل الإعلام، والتي تعني القوة المؤثرة في الشعب، والتي تعادل أو تفوق قوة الحكومة.
وبالفعل فقد هيمنت الصحافة ووسائل الإعلام على السياسيين والمتنفّذين، والقوى المؤثرة في المجتمع، وراحت تتحكم بالرأي العام وتوجهه نحو الأهداف والمصالح الوطنية التي ترتئيها. وعندما جاء الوزير دودين حاملا حقيبة الإعلام، اعتقدنا أنه سيعمل على إطلاق حرية الإعلام، في عصر تحوّل به العالم إلى قرية صغيرة، وأنه سيهتم بالصحافة ووسائل الإعلام، ويعيد بناءها لتكون إعلام دولة، تطرح قضايا الشعب بشفافية، وتصارحه بحقائق الأمور، لكي تستعيد ثقة الشعب المفقودة، ولكي يعتمدها في استقاء المعلومة، بدلا من اعتماده على الإعلام الخارجي.
ولكن يظهر أن معاليه مهووس بقضية الرفع جريا على نهج الحكومة، التي لم تبقِ أي مصلحة تتعلّق بالمواطنين إلاّ ورفعتها. فاستهل دودين عمله في الدوار الرابع قبل أن يسخُن كرسيه، في رفع مكانة الصحافة من السلطة الرابعة إلى السلطة الخامسة.
وبناء علية.. أرجو من معاليه أن يعدل تعريف السلطات في الدستور الأردني لكي يحمل التصنيف الجديد، وأن يكتب لبريطانيا والدول الديمقراطية – ملكية أو جمهورية – بهذا الاكتشاف، لكي يعدلوا دساتيرهم بما هو جديد.
نعرف ما قصده معاليه بهذا الاقتراح، ولكن ليس بهذه الطريقة، يُقدم الشكر لصاحب الفضل . . !
