إندبندنت: وساطة نرويجية سرية كادت أن تنقذ القذافي ورفضتها فرنسا وبريطانيا

إندبندنت: وساطة نرويجية سرية كادت أن تنقذ القذافي ورفضتها فرنسا وبريطانيا

ليبيا، الزعيم الليبي السابق معمر القذافي، نظام القذافي، الناتو، لندن ، باريس،  ديفيد كاميرون، نيكولاي ساركوزي، حربوشة نيوز


لندن  ـ نشرت صحيفة “إندبندنت” تقريرا حصريا حول المحادثات السرية التي كادت أن تنقذ الزعيم الليبي السابق معمر القذافي. وفي تقرير أعده جوي دايك وإيموجين بابير بمناسبة الذكرى العاشرة على الحملة التي قادها حلف الناتو للإطاحة بنظام القذافي كشف وزير الخارجية النرويجي السابق عن مفاوضات خلف الأضواء اقتربت من حل الأمة الليبية وإقناع الزعيم الليبي بترك السياسة والبقاء في ليبيا.

وجاء في التقرير انه وبعد مرور شهرين على خروج الليبيين إلى الشوارع ومقتل المئات من قوات الحكومة التي قاتلت المعارضة التي كانت تغطيها غارات حلف الناتو، اجتمعت الأطراف المتحاربة على بعد ألفي ميل في النرويج وتوافقت على وقف الحرب. وقام النرويجيون بالتوسط في اللقاء السري وكشف عنه لأول مرة للصحيفة في الذكرى العاشرة للحملة التي قادها حلف الناتو واقترب المجتمعون لوضع نهاية للحرب الأهلية في 2011. ووافق الطرفان على كتابة بيان يؤكد على أن القذافي الذي حكم ليبيا لمدة 42 عاما سينتحى عن السلطة ويترك السياسة ويبقى على مؤسسات الدولة في مكانها.

وانهارت المحادثات لاحقا واستطاعت المعارضة بدعم من الناتو القبض على القذافي وقتله. وسقط في الحرب هذه أكثر من ألفي مدني حسب أرقام جديدة لموقع مراقبة ضحايا الحرب “إيروورز”.

وفي العقد الماضي تحولت ليبيا إلى ثاني أكبر ساحة لتنظيم الدولة وسط حرب أهلية وفوضى، وفي هذا الأسبوع تولت حكومة وحدة وطنية جديدة الحكم وبمهمة تحضير البلاد للإنتخابات.

واتهم وزير الخارجية النرويجي في حينه جوناس ستور الذي توسط في المبادرة كلا من فرنسا وبريطانيا لمعارضتهما الحل. وفي أول مقابلة مع إعلام دولي قال “شعرت أن العقلية في لندن وباريس لم تكن مفتوحة على تفكير حقيقي بالحل الدبلوماسي”. و “هل استعدت (بريطانيا وفرنسا) للنظر أبعد من الحل العسكري أمر لم يحكم عليه بعد”.

ويتهم كل من رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون والرئيس الفرنسي نيكولاي ساركوزي بتبني تغيير النظام في ليبيا وبأي ثمن، وهي تهمة يرفضانها.  وتساءل ستور قائلا “لو كان هناك استعداد من المجتمع الدولي لمواصلة هذا المسار بسلطة وتكريس، لكانت هناك فرصة، كما أعتقد لتحقيق نتيجة درامية وتجنب انهيار الدولة الليبية”.

وبدأت الانتفاضة الليبية في شباط/فبراير 2011 ورد نظام القذافي بالقمع ووعد بقتل “الجرذان في الشوارع”. وفي 17 آذار/مارس 2011 صوتت الأمم المتحدة على قرار لمنع النظام في طرابلس من قتل شعبه وشن حلف الناتو بعد ذلك، وعلى مدى الأشهر اللاحقة بأكثر من 7.000 غارة جوية ضد قوات القذافي.

وفي الوقت الذي وعد فيه بسحق المعارضة إلا أن النجل المفضل لدى القذافي سيف الإسلام كان يفضل التفاوض ودعا المسؤولين النرويجيين إلى طرابلس للتفاوض. وقال ستور إن مسؤولين نرويجيين كانا في القصر مع سيف الإسلام عندما صدر قرار مجلس الأمن الدولي. وتم نقلهما بسرعة إلى الحدود التونسية لضمان سلامتهما خاصة أن غارات الناتو كانت محتومة. وأصبحت النرويج عضوا فاعلا في حملة الناتو وأسقطت في النهاية 6.000 قنبلة. وفي نفس الوقت طلب رئيس الوزراء يان ستولبنبرغ، وهو الأمين العام للناتو حاليا، من وزير الخارجية مواصلة المحادثات السرية وعقدها في النرويج.

ولدى البلاد سمعة في الدبلوماسية الهادئة في الشرق الأوسط، حيث رعت قنوات أوسلو التي قادت لاتفاقية بين منظمة التحرير وإسرائيل في 1993. ولم يكن النرويجيون وحدهم من حاولوا التوسط لحل الأزمة بل وكان هناك الإتحاد الأفريقي، لكن النرويج هي التي حققت تقدما. وبعد أسابيع من المحاولات بين الطرفين، دعا ستور إلى لقاء بين النظام ومسؤولين بارزين في المعارضة بفندق بمدينة أوسلو في 27 نيسان/إبريل. وحضر ممثلا لجانب النظام محمد إسماعيل، الذراع الأيمن لسيف الإسلام، وعن المعارضة علي زيدان، المسؤول البارز في المجلس الوطني الانتقالي الذي أصبح رئيس وزراء لاحقا. ولم يرد زيدان على عدة محاولات للتعليق أما إسماعيل فقد عبر بداية عن استعداده للتعليق لكنه لم يرد على عدة مطالب من الصحيفة. وقال ستور إن الجو كان مشحونا خاصة أن الطرفين يواجهان بعضهما البعض في ساحة المعركة. وقام الدبلوماسيون النرويجيون بالتوسط بينهما من أجل “خطة شاملة” لوقف الأزمة. وأول سطر فيها كان “وافق العقيد القذافي على مغادرة السلطة والتنحي جانبا لإنهاء المرحلة الأولى من الثورة”. واتصل ستور بالهاتف مع سيف الإسلام للتأكد من دعم الهيئات العليا في النظام للخطة. لكن النقطة الشائكة هي ماذا سيحدث للقذافي بعد ذلك. فقد رفض مغادرة البلاد، وتركزت المفاوضات على بقائه في البلاد ولكن مغادرته السياسة. وقال مؤلف سيرة ستور، ستال ويغ “دعم من كانوا حول القذافي والجهاز القانون المعروض على الطاولة”، ولكن “الميل الأخير كان للقذافي ويقول: أوافق على الى الخروج للمنفى أو يقرر مكان عيشه”. ويعترف ستور أنه لم يكن يعرف ماذا كان سيقرر القذافي “لم نكن نعرف” إن كان مستعدا للاستقالة أو قبول فصائل المعارضة المتشددة للصفقة. وأضاف ان القوى الغربية الكبرى لم تكن مهتمة بالحوار. وقال إنهم حملوا الصفقة لفرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة في وقت دخلت فيه الحرب حالة انسداد. وعبرت هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية الأمريكية عن اهتمام لكن فرنسا وبريطانيا رفضتا الاتفاق. وقال ستور “لو كانت هناك إرادة لعمل هذا، لتخيل الواحد وضعا يتم فيه وقف إطلاق النار يسمح للدبلوماسيين بالتحرك”. و “لكن العملية العسكرية كانت مستمرة منذ 8 أسابيع وتغيرت الدينامية على الأرض، وبصراحة لم تكن هناك قدرة لدعم العملية” الدبلوماسية.

ولم يعلق وزير الخارجية البريطانية في حينه ويليام هيغ، أما مكتب كاميرون فرفض اتهامات تغيير النظام وقال إنه دفع من أجل التفاوض بدون رد من القذافي.

 وبعد الحرب دخلت ليبيا في حالة من الحرب الأهلية، وهو ما دعا باراك أوباما للحديث عن سوء التخطيط لما بعد الحرب وأنه كان أسوأ خطأ ارتكبه. ويقول ستور الذي يقود اليوم حزب العمال المعارض إن الفشل في التعامل مع المفاوضات بجدية عام 2011 كان مأساويا بسبب العقد الضائع والذي أصبحت فيه البلد “مسرحا لمعارك بعيدة تحاربها دول أخرى في داخل وخارج ليبيا”.

القدس العربي

أحدث أقدم