دلالات الحسابات والأرقام في جلسة سحب الثقة من الغنّوشي من رئاسة البرلمان

دلالات الحسابات والأرقام في جلسة سحب الثقة من الغنّوشي من رئاسة البرلمان.. والرسالة السياسيّة المتجدّدة..!!!

منظّمة "بوصلة"، راشد الغنّوشي، التيّار الديمقراطي ، حركة الشعب، قلب تونس، إلياس الفخفاخ، هشام المشيشي ائتلاف الكرامة،
عبد- اللطيف- دربالة
كتب الاستاذ عبد اللطيف دربالة


وفقا للأرقام الصادرة عن منظّمة "بوصلة" المهتمّة بمراقبة أعمال وأشغال مجلس نواب الشعب.. فإنّها سجّلت فقط تصويت 132 شخصا بالجلسة العامّة للتصويت على عريضة سحب الثقة من رئيس البرلمان راشد الغنّوشي.. وليس 133 شخصا كما أعلنت لجنة الفرز ورئيس الجلسة طارق الفتيتي..
وستتحرّى المنظّمة في ذلك الاختلاف الذي لن يؤثّر في كلّ الحالات على نتيجة التصويت..

وقد اتّضح بأنّ الكتل الخمسة التي كانت مع سحب الثقة عن رئيس المجلس الغنّوشي وهي الكتلة الديمقراطيّة (التيّار الديمقراطي وحركة الشعب (38 نائبا)).. وتحيا تونس (10 نواب).. وكتلة الإصلاح (16 نائبا).. والكتلة الوطنيّة (11 نائبا).. وكتلة الحزب الدستور الحرّ (16 نائبا).. سجّلت تقريبا حضور وتصويت جميع نوابها تقريبا أي ما جملته 90 من جملة 92 نائبا..
في حين أنّ مجموع أصوات "نعم" كانت في حدود 97 صوتا..
أي أنّه وإذا ما افترضنا أنّهم التزموا جميعا بالتصويت مع قرارات كتلهم المعلنة بسحب الثقة.. فإنّ 5 نواب آخرين من كتل أخرى أو من المستقلّين انضمّوا لهم..
في المقابل فإنّ النواب المستقلّين غير المنتمين يبلغ عددهم 17 نائبا.. وقد حضر وصوّت منهم 14 نائبا..
أمّا كتلة المستقبل فقد حضر جميع نوابها الـ9 للتصويت..
وحضر وصّوّت من كتلة حزب قلب تونس 19 نائبا من مجموع 27 نائبا..
في الجهة المقابلة.. فإنّ كتلة حركة النهضة (54 نائبا).. وكتلة ائتلاف الكرامة (19 نائبا).. لم يصوّت منهم أيّ نائب (73).. وإن كان أغلبهم حضروا الجلسة..!!

من المعلوم بأنّ موضوع الجلسة والعريضة التي سيقع التصويت عليها كان هو سحب الثقة من رئيس مجلس نواب الشعب راشد الغنّوشي.. بما يجعل المطلوب هو التصويت بـ"نعم"..
ذلك أنّ الجلسة لا تتعلّق بإنتخاب رئيس مجلس النواب.. ولا بالتصويت على إعادة منحه الثقة من عدمه.. للتصويت بـ"نعم" أو "لا"..
وإنّ الحضور بالجلسة وعدم التصويت.. أو عدم الحضور بالجلسة بتاتا.. يفسّر نظريّا ومنطقيّا بأنّه رفض للعريضة.. وتأييد لبقاء راشد الغنّوشي رئيسا للمجلس..
ذلك أنّه يفترض بمن يرغب في سحب الثقة منه والتصويت للعريضة في ذلك.. أن يقوم بعمل "إيجابيّ" وهو الحضور بالجلسة .. والمشاركة في التصويت.. والاقتراع بكلمة "نعم"..

حتّى الأوراق الملغاة البالغ عددها 18 ورقة.. فالأرجح أنّها لا تعكس فعلا خطأ من النواب في ملأ الورقة البسيطة التي لا تحتاج إلى أيّ معرفة دقيقة أو اجتهاد.. وتتطلّب مجرّد وضع علامة أمام خانة "نعم" أو "لا".. وإنّما تعكس غالبا عدم رغبة في التصويت بـ"نعم".. من نواب حضروا الجلسة وشاركوا في التصويت..!!
حسابيّا.. فإنّ عدد المصوّتين لسحب الثقة من الغنّوشي كانوا في حدود 97 صوتا.. طبق أوراق الاقتراع..
أمّا عدد المصوّتين بـ"لا".. فهو يتجاوز على الأرجح عدد 16 المعلن عنه من أوراق الاقتراع.. إذ بحساب أصوات نواب النهضة وإئتلاف الكرامة غير المدلى بها.. والمعارضين كما هو معروف ومعلن للعريضة.. فإنّ العدد الجملي الواضح والمنطقي للأصوات الرافضة يكون في حدود 89 صوتا..
ومن المعلوم بأنّ حزب قلب تونس الذي صوّت منه 19 نائبا هو في تحالف معلن مع النهضة بالمجلس..
كما أنّ كتلة المستقبل البالغ عدد نوابها 9.. كانت أعلن سابقا عن تحالفها مع النهضة وائتلاف الكرامة وقلب تونس في السعي لسحب الثقة من رئيس الحكومة إلياس الفخفاخ.. إضافة إلى بعض النواب المستقلّين.. وما يتردّد عن مشاركة بعض النواب من كتلة الإصلاح الوطني في دعم حركة النهضة..

يعني كلّ ذلك عمليّا أنّ هناك جبهة تقدّر بحوالي 120 نائبا قد تزيد أو تنقص قليلا.. أبدت وجودها وتماسكها في مسألة سحب الثقة من إلياس الفخفاخ.. والتي أدّت عمليّا إلى "إقالته" بعد أن اضطرّته في النهاية لتقديم إستقالة حكومته..
وأبرزت جلسة تصويت اليوم.. بأنّ تلك "الجبهة" البرلمانيّة" لا تزال قائمة وفاعلة في وجه الحلف البرلماني المقابل الذي تناهز أصواته المائة (100)..
بما يشكّل رسالة سياسيّة جديدة في توقيت بارز أثناء فترة الأجل الدستوري لتكوين الحكومة الجديدة من طرف المكلّف بها هشام المشيشي.. مفادها وجود أغلبيّة برلمانيّة جاهزة للإطاحة بالحكومة المقبلة إن لم يقع أخذها بعين الاعتبار من طرف المشيشي والرئيس قيس سعيّد في الحكومة الجاري تشكيلها..!!

وهو ما قد ينذر بإعادة نفس سيناريو الإطاحة بحكومة الفخفاخ بعد أشهر قليلة.. حتّى ولو صوّتت تلك الكتل والأحزاب بمنح الثقة لحكومة المشيشي الآن.. فقط تجنّبا لحلّ المجلس وإعادة الإنتخابات..!!

فهل سيقع أخذ هذا الواقع السياسي بعين الإعتبار من طرف رئيس الجمهوريّة قيس سعيّد و"رئيس حكومته" المكلّف هشام المشيشي..؟؟!!
أم سيقع تجاهله.. لنشهد إعادة نفس سيناريو إسقاط الفخفاخ من جديد بعد مدّة لن تطول..؟؟!!
أم أنّ سيناريوهات أخرى مغايرة قد ترى النّور مستقبلا في تطوّرات ومتغيّرت جديدة..؟؟!!
أحدث أقدم