كرة تريوندا 2026: الابتكار الذكي الذي سيُحدث ثورة في كأس العالم المقبلة
ثمانية أشهر فقط تفصلنا عن انطلاق كأس العالم لكرة القدم 2026، وقد كشفت شركة أديداس رسميًا في نيويورك عن الكرة الرسمية الجديدة للمونديال، المسماة تريوندا (Trionda) — وهي كرة ذكية متصلة رقمياً، صُممت لمساعدة الحكام وتحسين دقة القرارات في المباريات. تمثل هذه الكرة نقلة نوعية في عالم التكنولوجيا الرياضية، إذ تمزج بين التصميم الجريء والدقة العالية والذكاء الرقمي في منتج واحد.
ثلاث دول... كرة واحدة
اسم "تريوندا" يجمع بين كلمتي تري وأوندا أي "الموجات الثلاث"، في إشارة إلى التعاون التاريخي بين الدول الثلاث المستضيفة لكأس العالم 2026: الولايات المتحدة الأمريكية، كندا، والمكسيك. التصميم الخارجي للكرة يحمل رموزاً مستوحاة من أعلام هذه الدول: نجوم زرقاء تمثل الولايات المتحدة، ورقة قيقب حمراء ترمز إلى كندا، ونسر أخضر يجسد المكسيك. أما النقوش الديناميكية فتجسد حماس الجماهير وموجاتهم الشهيرة التي ستغمر الملاعب في أميركا الشمالية.
قفزة تكنولوجية غير مسبوقة
تصف أديداس الكرة بأنها أذكى كرة في تاريخ كرة القدم، بفضل تزويدها بوحدة استشعار متطورة تُعرف باسم وحدة القياس بالقصور الذاتي (IMU) — وهي شريحة صغيرة تزن 16 غراماً فقط، تحتوي على أجهزة استشعار دقيقة مثل الجيروسكوبات ومقاييس التسارع. تقوم هذه الوحدة بتسجيل أكثر من 500 نقطة بيانات في الثانية تشمل سرعة الكرة، دورانها، موقعها الدقيق، ونقطة الارتطام. يتم إرسال هذه البيانات مباشرة إلى نظام حكم الفيديو المساعد (VAR) في الوقت الحقيقي.
الهدف من هذه التقنية هو تخفيف الضغط عن الحكام وتقليل الأخطاء البشرية في اللحظات الحاسمة. ويقول هانِس شافكه، مدير الابتكار في قسم كرة القدم بأديداس:
«أردنا أن نمنح الحكام أداة تجعل عملهم أسهل وأسرع وأكثر دقة.»
دقة وعدالة وسرعة
تتيح تكنولوجيا "تريوندا" للحكام تحديد اللحظة الدقيقة التي تُركل فيها الكرة، واكتشاف اللمسات الخفيفة باليد، والتحقق من حالات التسلل بدقة تصل إلى أجزاء من الألف من الثانية. خلال كأس العالم 2022 في قطر، استخدمت نسخة تجريبية من هذه التقنية، مما ساهم في تسريع قرارات الـVAR بنسبة 70%. أما نسخة 2026 فتعد بأن تكون أكثر تطوراً، ما يعني مباريات أكثر سلاسة وأقل توقفاً دون الإخلال بإيقاع اللعب الطبيعي.
تصميم متوازن وأداء مثالي
لم تقتصر أديداس على الجانب التقني فقط، بل راعت أيضاً الحفاظ على توازن الكرة وأدائها المثالي فوق العشب. ولتعويض وزن الشريحة الداخلية، تم توزيع أوزان موازنة دقيقة داخل الألواح لضمان ثبات الكرة في الهواء وإحساسها المألوف لدى اللاعبين. كما استُبدلت الألواح السداسية التقليدية بثلاثة أشكال هندسية متشابكة تمنح الكرة تحكماً أفضل وانسيابية هوائية أعلى.
حتى في الظروف المناخية المتباينة — بين الجفاف في ملاعب المكسيك والرطوبة في كندا — تبقى أداءات "تريوندا" ثابتة بفضل ملمسها ثلاثي الأبعاد وحوافها العميقة التي تمنح تحكماً واستقراراً مثالياً في كل الأجواء.
شحن ذكي واتصال مباشر
تحتوي الكرة على بطارية داخلية قابلة للشحن اللاسلكي عبر قواعد صغيرة مخصصة على جوانب الملاعب الرسمية. وبمجرد شحنها، تتصل الكرة تلقائياً بأنظمة التتبع في الملعب، ما يتيح نقل البيانات مباشرة إلى الحكام والفنيين في الوقت الحقيقي. ورغم هذا الكم من التكنولوجيا، تظل الكرة مقاومة للعوامل الجوية ومتينة تماماً مثل كرات النخبة التقليدية.
أكثر من مجرد كرة
ترى أديداس أن "تريوندا" ليست مجرد أداة للحكام، بل نافذة إلى مستقبل كرة القدم الرقمية. فقدرة الكرة على تتبع اللمسات، وتحليل سرعة المراوغة، وقياس قوة التسديد تفتح آفاقاً جديدة أمام المدربين والمحللين والمشجعين على حد سواء. يقول شافكه:
«كانت الكرة آخر حدود تتبع البيانات في كرة القدم، ومع تريوندا ندخل بُعداً جديداً لفهم الأداء.»
نسخة متاحة للجماهير
ستطرح أديداس نسخة تجارية من كرة "تريوندا" للجماهير بسعر يقارب 160 يورو، ولكن من دون الشريحة الذكية. وبذلك يمكن لعشاق كرة القدم في منازلهم اختبار نفس الكرة التي ستُستخدم في ملاعب كأس العالم، بين 11 يونيو و19 يوليو 2026 — ولكن دون تقنيات التحكيم المتصلة.
ثورة تتحرك داخل المستديرة
"تريوندا 2026" ليست مجرد كرة جديدة، بل ثورة في الحركة، تجمع بين الدقة والتكنولوجيا والشغف. إنها بداية عهد جديد، تعد بأن تجعل كأس العالم المقبلة أكثر عدلاً وذكاءً من أي وقت مضى.